رحلة خيالية واقعية من ذاكرتى المواصلاتية
أصوات متداخلة :صوت محرك الأتوبيس وصوت الكمسرى وهو يصرخ ويقول :تذاكر ..تذاكر ،كيس بلاستيكى يعلن عن وجوده فيصدر صوتا متقطعا مستفزا أثناء محاولة صاحبته العبث فى محتوياته ....باعة مناديل وحلوى وأذكار ...هناك رجل يذكر الله كل دقيقة وهو يقف لاهثا وسط الزحام ....ثمة مشاجرة قد بدأت تحتل اهتمام الركاب بين سيدتين تريد كلا منهما الفوز بالمقعد الشاغر بعد أن هم صاحبه على النهوض لينزل محطته ...لكنه للاسف لم يدرك أن عليه السير محطة كاملة ليرجع محطته حيث أنه الأن يقع بين هضبتين تترجرج صخورها إثر زلزال ضخم ها هما تتشابكان بالأيدى وها هو المسكين وقد استسلم لقوة الزلزال بعد أن أعيته محاولاته الهزيلة للنزول من الأتوبيس ....كل ذلك غير مهم ولكن أمنية حياتى أن تتوقف هذه الثرثارة عن فتح فمها لثلاث ثوانى فقط ...رأسى يكاد ينفجر من الصداع والإرهاق والحر وهى لا تتوقف عن إصدار هذا الصفير الناتج عن مصماصتها وتصعباتها المبالغ فيها تعليقا على حكاوى السيدة التى بجوارها ...يا لكم من صديقتان!! ما دخل هذه الثرثارة بخصوصياتك يا سيدتى وما ذنبى أنا لكى أسمع حلقة من البرنامج الممل أريد حلا ...عذرا يا أستاذة حِِِِِِِسن شاه لم أعرف أنكم قد بدأتم قى تصوير حلقات متنقلة !!....أريد هدوءا كى أكمل الفيلم الذى أفكر به فى خيالى ...لقد قطعتم حبل أفكارى ...سأحاول التركيز أكثر والتعايش مع هذه المؤثرات الطبيعية من حولى ....هاهى تحاول اللحاق به تنادى عليه ...تقول له أنه كان ينبغى عليها ألا تخفى عنه شيئا ...تعترف له أنها كانت خائفة أن تحب من جديد لكنها بالفعل قد وجدت الحب ...ثم تتطلع إليه بنظرات متفحصة متوسلة وتسأله بشكل غير مباشر عن شعوره فيرد بحزم ......صوت الكمسرى يخترق طبلة أذنى فقد جاءت محطتى أقفز من مكانى بسرعة قبل أن يدرك أحد صائدى المقاعد الشاغرة أننى على وشك النزول وأجدنى أتمشى تحت لهيب الشمس محطتين ...أهرع نحو الباب المزدحم بالناس الذين تصلبوا فى أماكنهم لا يريدون التزحزح عن الباب كأنه باب جنة رضوان !! ....أجاهد للوصول للباب حتى يلفح وجهى نسمات هواء ساخنة رطبة تمهيدا لخروجى من أتوبيس الأحلام ...أنزل بصعوبة حتى كدت أنكب على وجهى فى الشارع بسبب النشاط المفاجئ الذى دب فى أوصال السائق فزود من سرعته قبل نزولى بالكامل بالإضافة لبعض الركاب الذين راحوا يدفعونى من أمامهم ككلب ضال للوصول للأسفلت الساخن ..........
لحظات من الذهول... أدرك بعدها أنى فعلتها ...لقد فعلتها فعلتها ...نزلت من الأتوبيس فى المحطة ....أسير بخفة غير عابئة بالحر ولا الرطوبة ولا الزحام ...أحاول تذكر أخر مشهد فى فيلم "some one like you"فلا أتذكر من فرط سعادتى المفاجئة !!