الجمعة، 16 يناير 2009



دقات الساعة

كلما ذهبت إالى مكان أجدها أمامى ...أسمع تكتاكتها القميئة ...أرى تقدم خطوات حراسها المخلصين الذين لا يخطئوا ابدا يسيرون بانتظام مثالى يبعث على الملل أكثر منه للإنبهار ...

لماذا لا أستطيع الهرب منه؟؟ اغمض عينى فأسمع هذا الوقع التقيل على المسامع :تك ..تك ..تك ، أسد أذنى فأرى تحركات عقاربها لا تتوانى عن المضى قدما لتحقيق مخططها الشرير فى سرقة نور الشمس من الوجود ...وإطفاء لمعان النجوم ...وصبغ خصلات الشعر بلون الثلج...والتفريق بين الأحباء عبر المسافات الشاسعة أو عبر طبقة سميكة من الأرض يكسوها التراب .

لم أجد فى حياتى من فى عنادها...تتجدد الأشياء وتختفى وتظهرأخرى وتتغير معالها ومعالمنا معها حتى نكاد لانعرف من نرى عندما ننظر للمرآة نتعجب من سحر قوتها المتحكم فى كل شئ ...نتمنى لو نقهرها ونتخلص من سيطرتها الإمبريالية علينا لكننا لا نعرف من أين نبدأ حربنا؟ ومن نواجه؟ فبقدر قوتها بقدر غموض مكمنها.

هاهى ذى الفتاة الواقفة أمام النافذة تنظر كعادتها فى الأفق البعيد تبدو لى فى شرودها كمن تخاطب حبيبا غائبا أو منتظرا .لم تنقطع عن عادتها منذ كنت طفلة صغيرة لم يتغير شيئا فى المشهد سوى مسحة من اليأس ،وها هو ذو الظهر المحنى ونظرة العين التى بالكاد تلاحظ بين خطوط وجهه ذى التسعين ربيعا قضاها فى الجلوس على الرصيف أمام صندوقه الخشبى المزود بالورنيش والفرش وخلافه ،حتى هذا الطفل ذو الوجه الملائكى الحزين يجلس كعادته التى اكتسبها منذ سنوات بجوار فراش مدرسته منتظرا قدوم والده ليأخذه متأفأفا من الزحام والغلاء بل من الحياة كلها على ما اعتقد.

تدوم الأحوال وتتغير ولكن وقع الصوت على أذنى يظل ثقيلا

تك ..تك ..تك.